26 - 06 - 2024

إيقاع مختلف | مرآة الإنسان

إيقاع مختلف | مرآة الإنسان

كيف يمكن لك أن تقرأ الإنسان؟

سؤال يبدو غاية فى السهولة واليسر، من حيث هو غاية فى الصعوبة والعسر، فإذا كنت تقصد بالسؤال أن تسبر أغوار من أمامك وتفهمه فهما تاما فإن الأمر أعقد من عسير، أما إذا كان المقصود أن تتعرف عليه وترى بعض سماته العامة، فإن الإجابات سوف تتباين:

فهناك من يرى أنه يستطيع أن يقرأ الإنسان من عينيه ومما يلوح بهما من مشاعر أو تعبيرات. 

وهناك  من سيرى أن العينين خادعتان، أو أن القدرة على قراءتها ليست متاحة للجميع، وأن الأسلم أن يأخذ بقول الفيلسوف "تكلم حتى أراك"، لذلك يرى أن ينتظر إلى أن يتكلم اللسان، حتى يقرأ من أمامه.

وهناك من يقول : تكفينى  ابتسامة الإنسان حتى أقرأه، ومن يقول : بل لابد من قراءة الوجه كله.

وهكذا، تتعدد الرؤى والمرايا، فالعين مرآة، واللسان مرآة، والابتسامة مرآة، وملامح الوجه مرآة، وكل من هذه يمكن أن تكون مدخل المرء لقراءة من أمامه.

وهى مرايا اعتدناها كثيرا، لكن الأديبة الطبيبة لبيبة الجنيدي تفاجئنا بأن المرآة الحقيقية للإنسان يمكن أن تكون فى جلده.

وهى تؤكد فى كتابها " مرآة الجسم"  أن جلد الإنسان يمكن أن يكون محورا للحياة لا لصاحبه وحده، بل وللمحيطين  به أيضا، ولاسيما حين يصاب الجلد بواحد من الأمراض الشهيرة، فكم من قصص الحب نشأت وترعرعت  فى عيادة طبيب الأمراض الجلدية منتصرة على مرض كريه مثل البهاق!!

وكم من قصص انهزمت أمام مرض آخر كنتف الشعر أو حريق الوجه!!

وكم من أسرة زارها زائر لعين مثل الجذام، فتحطمت عليه آمال وطموحات، وأقيمت  على يديه أسوار وسجون، وأطفئت بزيارته أنوار وشموس!!! 

كم مرة جاء طفل فى وقت متأخر فكان رحمة وبابا للخير والتعاطف!!

وكم مرة صار سواه بداية مأساة عنقودية متعددة التفجيرات، هدمت بيوتا، وأصابت آباء، وقهرت أمهات، وأتعست أخوات!!!

كم وكم وكم من القصص كان الجلد فيها مركز الدائرة فى شروخ نفسية عميقة واحداث اجتماعية جسيمة

خمس قصص مدهشة، تتلو علينا فيها الحياة بعض فصول حكمتها وتطلعناعلى بعض خفاياها، لنوقن  مؤكدا أن أثر الفراشة أعمق كثيرا مما يبدو لنا.
------------------------
بقلم: السيد حسن
من المشهد الأسبوعية

مقالات اخرى للكاتب

جِيل من الصور الطلِيقَة





اعلان